vendredi 24 février 2012

المغربي يُنفق درهم واحد من أجل القراءة و خمسمئة درهم من أجل التدخين

مغاربة بين درهم ليقرأوا و خمسمئة درهم ليُدخنوا صدق أو لا تُصدق إلا أنها حقيقة ،حقيقة مُرة صعبة التقبُل لكنها مهضومة في واقع معاش ،نعم المغربي يُنفق درهم واحد من أجل القراءة و خمسمئة درهم من أجل التدخين كل سنة . فمن تأثر مثلي بهذه الحقيقة ،هل تعلم أن المغرب يُعتبر واحدا من أكبر المستهلكين للتبغ في منطقة البحر الأبيض المتوسط بأكثر من خمسة عشر مليار سيجارة في السنة. هل تعلم أيضا ان أربعة عشرة سيجارة مستهلكة كل يوم من طرف الرجل و إثنا عشر من طرف المرآة على الأقل ، فحسب تحقيق وطني انطلق من دراسة عادات و تصرفات المدخنين نُشر في سنة 2008 :أن المدخن المغربي يُنفق في المتوسط اثنان وعشرون درهما (22) في اليوم من اجل شراء التبغ أي ما يُقارب ثلاثون بالمائة من الحد الأدنى للأجور .!!!!!!! هل اتمم في سرد حقائق مؤلمة أم أغيِّر الاتجاه؟؟ لنكتفي بمرارة التدخين ولنَّحُط الرِّحال بمرارة أكثر حُرقة من الأولى لنتحدث عن القراءة بالمغرب : حسب دراسة لمركز الدراسات الاجتماعية ،الاقتصادية والإدارية المنشورة في مجلتها الاقتصادية (فبراير 2010) ، كل مغربي يُنفق في المتوسط درهم يتيم(1) في السنة( 365يوم) من اجل شراء كتاب في حين إن المتوسط العالمي هو خمس و عشرون درهما(25 . ففي المغرب فقط (1000) ألف كتاب بجميع اللغات المتداولة هي التي تُنتج سنويا لفائدة ثلاثين مليون(30000000) مواطن بالمملكة . بالمقارنة مع(60000) ستين الف كتاب تُنتج بفرنسا من أجل( 60000000 )ستين مليون مواطن فرنسي وثلاثين ألف 30000 في إيران لفائدة(70000000)سبعون مليون إيراني. كذالك حسب دراسة أجرتها وكالة أبحات التسويق بالمغرب سينوفيت "فقط % 49 من المغاربة من يعرفون الكتابة و القراءة هم اللذين أكدوا قراءة كتاب؛مجلة،أو جريدة خلال اثنا عشر شهرا الفارطة ،هذه الدراسة تظهر أن %51 من المغاربة أميين وأن هذه النسبة كذالك لم تحمل كتابا خلال سنة كاملة . انطلاقا من هذه الدراسات التي تدمي القلب ألما وتجعل من الرأس أن ينحني خجلا أطرح سؤال : هل تقرأووووووووووووون؟؟؟؟؟؟
إذا كنتم في خضم هذا المقال فهذا يُضمد الجرح قليلا ، لكن هل تقرؤون بمنهجية ، بطريقة منتظمة، مثابرون على القراءة ؟؟ هل تلاحظون تغيرا ولو طفيفا بعد قراءتكم لأي نوع من الكتب في حياتكم؟ فما الفرق بين من يقرأ وبين من لا يُبالي بالقراءة؟ ""القراءة سفر" هكذا عبر الكاتب الفرنسي إيميل زولا "لاشيء يصقِل الذكاء مثل السفر" فباستطاعتك أن تسافر دون مشقة مواصلات أو تعب تنقلات بإمكانك السفر دون ذهابك لمحطة قطار،ميناء أومطار بإمكانك السفر حتى بدون أن تقطع طريقا طويلا بدون تأشيرة أو جواز سفر يكفي أن تقرأ كتاب وفورا ستُصبِح في صف المسافرين من عالمٍ كنت فيه إلى عالم مضمون الكتاب. "القراءة تخيُّل" "القراءة اكتشاف" "القراءة هي السبيل الأمثل للنجاح" ففي الولايات المتحدة الأمريكية أُجرِيت دراسة أظهرت مكامن التشابه بين الأشخاص الناجحين في حياتهم في مختلف الميادين وكانت النتيجة أن ما يجمعهم في نجاحاتهم أنهم يقرؤون من كتاب إلى كتابين كل أسبوع ،أي ما يعادل خمسين(50) كتابا على الأقل في السنة. دراسة وإن كانت بعيدة عنا إلا أنها تُثلج الفؤاد فرحا ولعلي هنا أذكر مثالا قويا مظهره مؤثرا مضمونه قصة فتاة كانا والداها يُحضران لها وجبة في كل صباح،وجبة قراءة مجموعة كتب وهي في سن مبكرة و فورا بعد بلوغها سن العاشرة بدآ والدها يُحضران لها برنامج تلهية في آخر كل أسبوع وكانت الأماكن عبارة عن جامعات ومكتبات و دور النشر ، هذه السيدة و إن اختلفنا معها كثيرا أو قليلا إلا أنه من واجبنا تقدير حلم والداها واحترام إنجازاتها فلما رُزقا بها والديها سمعوا من معارفهم شتى أنواع الاستهزاء بلونها الأسمر ،فقرروا أن يجعل منها الاستثناء الناجح لا الفاشل وسلكوا ألطريق الناجع طبعا الذي لا يخسر سالكه مهما حدث و وقع آلا و هو القراءة فبصمت ابنتهم بصمة فاقت التوقعات ( بصمتها سُجلت سيئة كانت ام حسنة) وأصبحت السيدة السمراء الأولى التي ولجت البيت الأبيض نعم إنها"كوندريزا رايس".
في فرنسا بلد الأدبيات و الكتاب الكبار ،لاحظت مؤخرا ان مواطنيها لم يعودوا كالسابق فإثنان من ثلاثة (%64) يقرؤون أقل من ثلاث كتب في السنة و %30 لا يقرؤون نتيجة تأثرهم بمستجدات التكنولوجيا من من معلومات و تواصل ، ومن أجل وضع حد لهذه الوضعية المثيرة للقلق ، بدأت فرنسا بمبادرات من أجل إعادة الروح للقراءة مجددا ولعل من أبزها : مبادرة القراءة بالبحر هذه الأخيرة مسحت غبار لأكثر من إثناعشر ألف كتاب ،بالإضافة،إلى أن الدولة عملت على توسيع باب الاختيار فأنتجت كتب لمختلف الأعمار ولجميع الأذواق ووفرتهم في جل المكتبات ففيهم الروايات والقصص...دون إهمال الجانب التواصلي للتحفيز أكثر وذالك بتعيين مستشارين في جميع أمكنة القراءة (البحر) مثلا مهمتهم التنشيط و التوجيه والمساعدة على اختيار الكتاب المناسب . لنعد قليلا إلى حقيقتنا المُرة فوضعية الكتاب بالمغرب مبعثرة جدا إن لم نقل تعاني من مرض عضال لا يُعاني منه إلا حاملي القلم ، فالمغاربة يقرؤوا ليُقال إنهم قرؤوا لا من أجل القراءة خصوصا عندما نعلم ان المغربي يصرف درهم واحد في السنة من أجل أن يقرأ كتاب ، فحسب وزارة الثقافة (1000) ألف كتاب فقط يتم طبعه خلال السنة ويُعتبر الكتاب الذي يصل إلى 1500 نسخة هو كتاب السنة!!!! لماذا لا نقرأ؟؟ نعم ليس للمغربي دخل الأمريكي لاقتناء كتب كثيرة خلال سنة ، وليس المغربي كالفرنسي يستمد قوته من تاريخ أجداده مبدعي عصر الأنوار ،لكن للمغربي ما هو أثمن و أثرى يكفينا فخرا أن ديننا يحثنا على القراءة والتعلم ولعل أهم ما يذكر في هذا السياق أول آية نزلت في القرآن بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " أقرأ باسم ربك اللذي خلق" صدق الله العظيم ،
وأن رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال"طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" ولا سبيل للعلم إلا بالقراءة . ابن رشد العالم العربي الكبير قال "يومان فقط لم أقرأ فيهما يوم توفي أبي واليوم اللذي تزوجت فيه" إذن مابالنا نعاني من داء ودواءه موجود بل ومتوفر في كل مكان وزمان ،داء يجعلنا في مؤخرة الركب والأجدر أن يكون كل واحد منا رُبان ،داء يقتل مبدعينا ويصُم مثقفينا وعلاجه لا يضمن الصحة فقط بل حتى الأجر و الثواب ورفعة الحال أيضا . فالقراءة تُغنينا علما ،تُثلجنا صدرا،تُبلغنا مقامات ، تُسهل علينا الحوارات ،تَمنحنا رُقيا المفردات ،تُعززنا بثقافة الحضارات،تُخزِن في لاشعورنا معلومات،تُظهرنا بكامل ثقتنا في النقاشات، وتُقنع من حولنا بأقل العبارات ، تُثمِن تواصلنا و تُزكي علاقاتنا ،فلماذا لا نقرأ؟؟؟؟؟؟؟ 

 مقالة إسماعيل العلوي صياغتها للعربية و بتصرف عائشة بوشامة
pour lire l'article en français, cliquez ici